سورة يس - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسانُ أَنَّا خَلَقْناه مِنْ نُطْفة} اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية والتي بعدها على خمسة أقوال:
أحدها: «أنه العاص بن وائل السهمي، أخذ عَظْماً من البطحاء ففتَّه بيده، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُحْيي اللهُ هذا بعد ما أرى؟ فقال: نعم، يُميتُكَ الله ثُمَّ يُحْييكَ ثُم َّيُدخلكَ نار جهنَّم»، فنزلت هذه الآيات. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنه عبد الله بن أُبيّ بن سلول، جرى له نحو هذه القصة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أنه أبو جهل ابن هشام وأن هذه القصة جرت له، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والرابع: أنه أُميَّةُ بن خَلَف، قاله الحسن.
والخامس: أنه أُبيُّ بن خَلَف الجُمَحي، وهذه القصة جرت له، قاله مجاهد، وقتادة، والجمهور، وعليه المفسِّرون.
ومعنى الكلام: التعجُّب مِنْ جهل هذا المخاصِم في إِنكاره البعث؛ والمعنى: ألا يَعلم أنه مخلوق فيتفكر في بدء خلقه فيترك خصومته؟! وقيل: هذا تنبيه له على نعمة الله عليه حيث أنشأه من نطفة فصار مجادلاً.
{وضرب لنا مثلاً} في إِنكار البعث بالعَظْم البالي حين فتَّه بيده، وتعجَّب ممن يقول: إِن الله يُحْييه {ونَسِيَ خَلْقَهُ} أي: نَسِيَ خَلْقَنا له، أي: تَرَكَ النَّظَر في خَلْق نفسِه، إِذ خُلِق من نُطْفة. {قال من يُحْيِي العظامَ وهي رَميمٌ}! أي: بالية يقال: رَمَّ العَظْمُ، إِذا بَلِيَ، فهو رَمِيمٌ، لأنه معدول عن فاعله، وكل معدول عن وجهه ووزنه فهو مصروف عن إِعرابه كقوله: {وما كانتْ أُمُّكِ بَغِْيّاً} [مريم: 28]، فأسقط الهاء لأنها مصروفة عن باغية؛ فقاس هذا الكافر قُدرة الله تعالى بقُدرة الخَلْق، فأنكر إِحياء العظم البالي لأن ذلك ليس في مقدور الخَلْق. {قُلْ يُحْييها الذي أَنشأهَا} أي: ابتدأ خَلْقها {أَوَّلَ مَرَّةٍ وهو بكُلِ خَلْقٍ} من الابتداء والإِعادة {عليمٌ}.
{الذي جَعَلَ لكم مِنَ الشَّجر الأخضر ناراً} قال ابن قتيبة: أراد الزُّنُودَ التي تُورِي بها الأَعرابُ من شجر المَرْخِ والعَفَار. فإن قيل: لم قال: {الشَّجَرِ الأَخضرِ} ولم يقل: الشَّجَرِ الخُضْر؟
فالجواب: أن الشجر جمع، وهو يؤنَّث ويذكَّر، قال الله تعالى: {فمالئون منها البُطونَ} [الواقعة: 53]، وقال: {فإذا أنتم منه توقِدونَ}.
ثم ذكر ما هو أعظم من خَلْق الإِنسان، فقال: {أوَ لَيْسَ الذي خَلَقَ السَّماواتِ والأرضِ بِقادِرٍ} وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق، وعاصم الجحدري: {يَقْدِرُ} بياء من غير ألف {على أن يَخْلُقَ مِثْلَهم}؟! وهذا استفهام تقرير؛ والمعنى: مَنْ قَدَرَ على ذلك العظيم، قَدَرَ على هذا اليسير. وقد فسرنا معنى {أن يَخْلُقَ مِثْلَهم} في [بني إسرائيل: 99]؛ ثم أجاب هذا الاستفهام فقال: {بلى وهو الخَلاّقُ} يخلُق خَلْقاً بَعْدَ خَلْق. وقرأ أُبيُّ بن كعب، والحسن، وعاصم الجحدري: {وهو الخَالِقُ} {العليمُ} بجميع المعلومات. والمَلَكوتُ والمُلْكُ واحد. وباقي السورة قد تقدم شرحه [البقرة: 117، 32، الأنعام: 75].

1 | 2 | 3 | 4 | 5